
أبنائي والهاتف

أعرف أن مشكلة كل بيت هي تعلق الأبناء بالهاتف المحمول من سن عام واحد إلى الـ20 وبالتالي عدم تركيزهم في جميع شؤونهم فتطلب من ابنك كوب ماء فيعطي لأخته الحذاء.. تدفعه دفعا ليشتري لك غرضا من البقالة فيحضر لك ريموت التليفزيون.
وليت الأمر يتوقف عند ذلك بل تعيد عليه النداء مرات ومرات فلا مجيب.. وتطلب منه الشيء البسيط يظل يؤجله حتى "يخلص الدور" في اللعبة التي لا تنتهي .. هذا بخلاف الصراخ والسب واللعن الذي تسمعه طوال فترة إمساكه للهاتف.
أذكر أنني استيقظت فجرا على صوت شقيقي يضرب أبناءه في الشقة المجاورة وحين ذهبت لاستجلاء الأمر عرفت أن أولاده كانوا يلعبون سويا إحدى الألعاب القتالية الإلكترونية وكان أحدهم يستغيث بإخوته ويصرخ "الحقونيييييي.. هامووووت" استيقظ أخي مفزوعا فوجدهم يلعبون فانهال عليهم ضربا وركلا.
وللإنصاف فإن الهواتف تقدم محتوى جذابا مليئا بالمكافآت الفورية التي تجعل الصغار يشعرون بالسعادة وتدفعهم للعودة إليها بصورة متكررة، مع تصميم الألعاب والتطبيقات بألوان جذابة وميزات تفاعلية يصعّب التوقف عنها ويجعلها الخيار الأسهل والأفضل للتسلية مقارنة بغيرها من الأنشطة التي تتطلب جهدا بدنيا.
وللإنصاف أيضا فإننا نحن الكبار والآباء إذا رن الهاتف أو سمعنا نغمة الرسائل جرينا مخافة أن "يفوتنا أو نفقد شيئا"، وإذا أمسكنا بالهاتف وتابعنا وسائل التواصل على اختلاف تطبيقاتها انسرقت منا الساعات وأخذتنا فيديوهات التيك توك ومقاطع الريلز وصور الانستجرام والتعليقات والتفاعلات.
فإذا كان هذا حالنا نحن الكبار "العقلاء" فما بالنا بالأطفال ممن لدبهم قدرة محدودة على ضبط النفس ويضعفون أمام رغباتهم في اللعب والتسلية والانسجام التام مع المحتوى الذي يناسبهم!.