الأحد ٠٨ / يونيو / ٢٠٢٥
من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية

عنصريون بالوراثة


الحرب الدائرة الآن على وسائل التواصل الاجتماعي بين المصريين من جهة والخليجيين على الجبهة المقابلة ودعواتهم المستمرة إلى إخراج المصريين من بلادهم لأنهم سبب كل المشاكل وكيف "لمواطن فسيخي أو طعمية" أن يكون صاحب حضارة وأن يقود بلادهم إلى الخير والتقدم، وفي المقابل يصف المصريون الخليجيين بأنهم "أكياس الرز الحفاة العراة رعاة الشاء".

كل هذه الملاسنات والتنابذ بالألقاب تؤكد أن العنصرية وامتهان الكرامة الإنسانية لاتزال نشطة وحيّة في عالمنا العربي والإسلامي رغم الحرب الشرسة التي يشنها الإسلام على هذه الآفة منذ أكثر من 1400 عام.

ما يلفت النظر أن معظم نشطاء "السوشيال ميديا" أنك تراهم "هاجوا وماجوا" حين يتعرض إنسان أجنبي لأي موقف عنصري على أساس الدين أو اللون أو العرق منتقدين الواقعة وفاعلها والبلد الذي تمت فيه وردود فعل الناس هناك.

إن ارتفاع الأصوات التي تحتقر الآخر وتمس كرامته الإنسانية تعكس وقوف عدد من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية خلفها لدعمها وتعزيزها والتأكيد عليها، عن قصد وسوء طوية، كما تعكس ثقافة الإنسان وعاداته ومعتقداته ورؤيته تجاه القضايا المختلفة والتي تظهر في سلوكياته وأفعاله.

 الكرامة الإنسانية تقوم على معاني العدالة التي يستشعرها الإنسان، وكيف ينظر لها حين يتعامل بالوساطة والمحسوبية وتجاوز حقوق الناس، وعلى حجم إحساسه بالظلم والحزن وخيبة الأمل الذي يحدثه غياب العدالة في حياة البشر.

كيف ينظر القاضي أو الضابط أو المسئول الكبير أو رجل الأعمال لمواطن بسيط يسبقه في الدخول إلى مكان ما، أو حتى ينادي عليه باسمه دون "باشا أو بك".. أسرة شاب أبيض لفتاة سوداء يتقدم لخطبتها.. كيف ينظر كل منا لأصحاب المهن والعمال البسطاء أثناء الاحتكاك المباشر معهم!!

التعامل مع الآخرين على أساس اللون أو العرق أو الدين أو الجنس سبب رئيسي للعنف والتطرف وإهدار الكرامة الإنسانية وعلينا معالجة هذه الظاهرة من جذورها والتعامل مع الغير بناء على العمل بعيدا عن الحسب والنسب والأصل واللون والعرق.

لا شك عندي في أن إيجاد عالم جديد خال من العنصرية والحزبية والعرقية  يبدأ من أنفسنا فـ "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".

التغيير الحقيقي للمجتمعات رغم أنه أصعب أنواع التغيير ينطلق من داخل النفس البشرية، فالتحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية العظمى على مدار التاريخ انطلقت من أشخاص ولم تخرج من مؤسسات بل إن كثيرا من هذه المؤسسات وقفت عائقا أمام هذا التغيير وخير مثال على ذلك الأنبياء والمصلحون والثوار على مر التاريخ، وأحداث الربيع العربي التي انطلقت نتيجة صفع شاب في إحدى القرى التونسية تؤكد ذلك.

موضوعات ذات صلة