
منطق مغلوط

من الأنشطة اليومية التي يقوم بها محافظ بني سويف اطلاعه على تقارير المديريات المختلفة ومنها مديرية الصحة والتي تقوم بجهد كبير جدا لا تخطئه العين من خلال قوافلها الطبية الدورية على المراكز المختلفة والقرى التابعة لها.
لكن ما يلفت الانتباه أن القافلة الواحدة تقدم العلاج لما يقرب من 1500 حالة في القرية الواحدة في حين أن عدد سكان هذه القرى قد لا يتعدى العشرين ألف نسمة، وإذا افترضنا أن نصف سكان القرية علم بوجود القافلة فإن هذا الرقم قابل للمضاعفة مرة أو اثنتين.
هذا الرقم ممن يتلقون العلاج في القوافل الطبية هو مثار فخر ودليل على عمل دؤوب من القائمين عليه/ وهذا منطق مقلوب لا ريب/ لأن هذه الأعداد الكبيرة مؤشر خطير بأن الأمراض متفشية في هذه المناطق وأن كثيرا من السكان بحاجة إلى العناية الطبية لكنهم لا يلقون العناية اللازمة لأسباب مختلفة تتنوع بين عدم القدرة المادية أو بعد المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة، أو أن كثيرا من الوحدات الطبية الموجودة في القرى خالية من الأطباء إلا من ممارس عام يتواجد ساعات معدودات وإن تواجد فإن الأهالي لا يثقون في وصفاته الطبية.
القرى في محافظة بني سويف في حاجة إلى معالجة جذور المشكلة ومعرفة أسباب هذه الأمراض التي يعالج منها الآلاف يوميا إذا كانت القرى بحاجة إلى توفير الصرف الصحي والمياه النظيفة والغذاء السليم فلتعجل الجهات المختصة بتوفيرها ومراقبة الأغذية والمطاعم.
إذا كانت أسباب هذه الأمراض الضغط النفسي والحالة الاجتماعية فلتتحرك الجامعات، وما أكثرها في محافظتي، وتقم بدورها في وضع واقتراح الحلول وتنظيم الندوات والتثقيف والتوعية في إطار الخدمة المجتمعية الواجبة عليها.
إن ما يتفاخرون بإنجازه بأنهم يقدمون العلاج لآلاف الحالات يوميا هو وصمة عار في جبين المسؤولين قبل أن يكون إنجازا يحسب للجهات القائمة عليه، فمعالجة جذور المشكلة أهم من التعامل مع أعراضها.